fbpx
Coaching leaders 3

مصطلحات الذّات ومكافأتها تحت منظار الفحص

سمعت اليوم في حديث اذاعي على التلفاز احد المختصين في ذكاء المشاعر (الذكاء العاطفي) يتحدث عن مجموعة من المهارات المتعلقة بهذا الموضوع. وتعتبر المصطلحات المستخدمة والمتداولة حديثةً على لغتنا اليومية ويعبر البعض عن نفس الشيء بانواع مختلفة من المصطلحات. فهناك (المصالحة مع الذات) او (الانسجام) والاخيرة اقوى. وهناك (مكافأة الذات) او (التربيت على نفسك) او (اعطاء نفسك حقها). وهناك ( تقبل الذات) و (الثقة بالذات) و (حب الذات) و (دلع نفسك). نعم أنت فوق كل شيء

Arabic Calioghraphy

والعجيب في هذا وذاك أن الكثير ممن يتحدث لا يقرأ الأبحاث الاساسية في الموضوع من مصادرها في أوراق النشر العلمية في مكتبات الجامعات وبواباتها الإلكترونية. ويضع ثقله كله مؤكدا ضرورة هذا وذاك في ميزان الحياة الصحية نفسيا ومعنويا.

ليس هذا فقط، ولكن الكثير من هذه المصطلحات قد لا تعبّر عن حقيقة المعنى المقصود في الابحاث والكتب الانجليزية. وهذا يهدد تلك العلوم المؤصلة في ثقافتها، عندما يتم استيرادها إلى ثقافتنا العربية بدون ترجمة قوية تسمح لنقل المعنى صافيا وبعيدا عن التفسيرات المتعددة المشوهة.

سأضرب مثالا هنا
اختلف مختصوا التربية في موضوع المكافأة كما اختلف فيه باحثوا القيادة. فبين سياسة العصا والجزرة المعلقة بها وبين سياسة التحرك الذاتي نحو الغاية والأهداف تنوعت المقالات والدراسات الأكاديمية في مجال التربية والتعليم وفي مجال التحفيز الاداري.

وفي اللحظة التي يبدأ فيها أحد مستشاري التطوير الذاتي بالتحدث، في أي من وسائط الاعلام، حول موضوع (كافيء نفسك) يرتفع لديّ كباحثة، علم احمر(على مقالة الأمريكان في كرة القدم الأمريكية عندما يرتكب أحد اللاعبين خطأ في خرق قوانين اللعبة)، وأرى بوضوح سطحية المتحدث، ليس فقط من حيث المصطلح المستخدم، وانما من حيث عمق الطرح. ولكي لا يمضي الموضوع بدون تطبيق في ارض الواقع، وخاصة أن بعضكم لا يقرأ أوراق بحثية أو يستطيع أن يصل لحقيقة هذا المعنى لبعده عن فهم اللغة المكتوب فيها، ولكي لا أترككم معلّقين، إليكم سؤال بسيط في سياق (المكافأة): عندما تقوم بعمل صالح (في مسمى الدين والمجتمع والثقافة التي تعيش فيها، هل حقا أنت تنتظر المكافأة؟ وهل كل ما تفعله أو تقوم به يسبقه شرط بالمكافأة؟ وهل فكرة كافيء نفسك فكرة صحية؟

هذا جانب وأتركك فيه تضع معالمك، فالتّعلم ليس مهمّتي وإنما مهمتك، ومهمتي أن أطرح عليك ما يشكّكك في قناعاتك حول تصوّراتك عن الحياة والمفاهيم التي تعيشها (غير الدين) حتى إذا قرّرت أنّها قناعاتك مفيدة وإيجابية لك ولمن حولك، يكون قرارك مبني على برهنة (أفلا يعقلون).
والجانب الآخر يتعلق بالعقوبة والتي هي عكس المكافأة، والسّؤال فيه: هل العقوبة ضرورة لينضبط السّلوك الشّخصي والإجتماعي، ولماذا؟
ولا أريد أن أسمع منك (طبعا) فهذه إجابة مبسّطة ولا تحمل عمق، ارحل في طلب العلم

عودة لموضوع (كافيء نفسك). لعلّ ما يخطر بذهني الآن مفهوم (الميزان) والفضل يعود إلى عمّي الدكتور سامي العنقاوي هويتحدث دوما حول مفهوم الميزان القرآني ويضرب عليه الأمثلة. وعلاقة هذا المفهوم هنا بموضوع (الذّات) يعني وجود مكمّل لها وهو (الآخر) وهنا تكتمل منظومة الميزان والتي يصعب مخالفتها بدون عواقب وخيمة حيث أنّها أحد المباديء الاجتماعية. والشّرح يطول و لعلي أتناوله في أحد حلقات (المنشور المسموع : بودكاست القيادة)، وما يهمني هو في تطبيق مفهوم (الذات) أن ندرك أنّ التركيز عليه نشأ في ثقافة (انجلوساكسونية/أمم تعيش في أمريكا الشمالية وأجزاء من اوروبا يطلق عليها الان كندا، الولايات المتحدة وبريطانيا) تترعرع فيها الذّات على حساب الآخر وتنهار فيها قيم المجموعة أمام الذّات، فعلينا أن نكون حريصين في التّوجيه (كوتشنج) لحياة من يقصدنا للمساعدة في تحقيق الميزان ومراعاة الثقافة المحلية في أدق تعابيرنا وكلماتنا حيث أن تلك الثقافة (الانجلوساكسونية) تعاني حاليا من جرّاء التركيز على الفرد فقط وبدأ يظهر فيها (ونحن آخر من يعلم لضحالة البحث العلمي في هذا المجال، وحركة الترجمة السطحية الغير إحترافية)، بدأ يظهر فيها، العودة إلى الآخر او المجموعة او الكلّ وأن يكون قرار القائد مبني على التّعاضد والتكامل وليس فقط التفاضل مع تحقيق الغاية المشتركة.

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Shopping cart

0

No products in the cart.