تتدفق الأفكار بشكل لا نهائي وليس كل منها من يلقى ترحيبا على مستوى الوعي أو الإدراك أو الشعور. على مستوى اللاوعي هناك ألوف الأفكار التي يتم التعامل معها بشكل تلقائي وبدون وعي ببرنامج دقيق تم صياغته من تركيبات جينية فطرية ومن تطبيع اجتماعي مكتسب. ولا يوجد إنسان يولد هكذا أو لإنّ والده كان كذا، فسيكون كذا
ولذا لا عذر لأحد بتركيبته الجينية. صحيح، التركيبة الجينية موجودة ولكن إذا لم تقابل الظروف البيئية المناسبة فلن تظهر، والظروف البيئية تفعّل هذه التركيبة إيجابيا أو سلبيّا بحسب ايضا شخصية الإنسان ومزاجه ومقدراته التي وُلد بها. فلا عذر لأحد بالجينات والتركيبية الخاصّة بشخصيته فكلّها عوامل مفعّلة ومساعدة يمكن التّغلب عليها واكتساب النسق الفكري المرغوب والسّلوك الذي يطمح له الإنسان
الاستقصاء والاستبعاد للخواطر يتم بدون وعي من الإنسان في كثير من الاحيان، وهو آلية مهمّة تحافظ على أدائك المتكامل وتناسق وظائفك الفيسيولوجية مثل التنفس ودقات القلب وتناسق الحركة وايضا موجود لحمايتك من الأخطار التي ترد إليك وعليك، فأنت تتخطى حجر في الطريق أو تتفادى شجرة لأن عقلك اللاواعي يتعامل مع الأفكار الواردة بشكل تلقائي، وكما يفعل ذلك مع الأخطار المحسوسة بالحواس فهو يفعل ذلك في الخواطر المؤلمة أو التي يرى أنها ضارّة أو تسبّب مخاطر معيّنة بحسابات وبرامج دقيقة معقّدة تكوّنت لديك منذ أن كنت في بطن أمّك
على مستوى الوعي، تصل الفكرة أحيانا ويتم استقصائها أو الاحتفاظ بها بوعي لكونها ذات معنى منطقي أو أهمية. الإستقصاء أو الإبقاء المقصود الواعي هو ما يسمى بالتفكير المنطقي المتسلسل والذي يتعلّق بالأسباب والمسبّبات وفيه مؤلفات وأبحاث لمن لديه إهتمام بكيفية الاستقصاء والاستدلال المنطقي. وهو ليس بحثنا هنا. بحثنا هنا هو كيفية الاستفادة من هذه العملية في إطلاق العنان للتفكير المثمر المؤدي لنتائج إيجابية. التفكير المنطقي قد يبدو مرغوبا ومحمودا ولكن الحقيقة أن الطريقة المنطقية التي نفكر بها هي ما يعيق التطبيق السليم لمهارة ما في كثير من الأحيان كما سنرى في طيّات البرنامج
