الماعز الفضول

يصلح هذا العنوان كقصة للاطفال . ولكن الحقيقة هو اسم لمقهى ومطعم في مدينة لندن كنت فيه قبل ساعات. وجلست أشرب قهوتي وأتأمل في اسبوعي الاول هنا. ومع الاسترخاء تأتي الافكار الابداعية وبطبيعتي احمل معي ادوات الرسم المائي في رحلاتي القصيرة لكي اجسد ما يدور بخاطري من خلال الرسم أو التلوين او الشخبطة الغير منظمة في مدونة الأفكار والمشاعر الخاصة بي – وهي أداة مهمة لكل موجه.

وفعلا رسمت ماعز مضحك بذقن. ولكن القصة بدأت هنا حيث تذكرت فضولي البارحة وأنا اتجول في قصص الانستغرام قليلا بعد أن نشرت اعلاني الاخير عن محاضرة في برنامج التأهيل لتوجيه لاقيادات النيوكارزمية. حيث وقعت عيني على د. وليد فتيحي وهو يتحدث عن الرزق والعمل والعلاقة بينهما. ووقفت أتامل ما قال وفعلا وجدت أنه تذكير جيد لموضوع فصل الرزق عن العمل والجهد المبذول فيه من منظور ثقافتنا العربية الاسلامية والتي يرتبط فيها الانسان بمفهوم التوكل الكامل والذي يستلزم عمل القلب وليس عمل الجوارح وإن كان السعي في اسباب الرزق مهم . والحقيقة التي نص عليها القرآن بوضوح أن الرزق يأتيك ولو لم تسعى: “وفي السماء رزقكم وما توعدون” ولكن السعي مهم لأنه سبب وجودك في الارض: “هو الذي أنشأكم في الارض واستعمركم فيها” فكيف يمكن أن تجمع بين الاثنين وهل يوجد علاقة؟

منطقيا يوجد علاقة فأنت تبحث عن وظيفة أو عملاء لتقدم لهم خدمة أو منتج مقابل مردود مالي وبالتالي تكون وظيفتك أو مهنتك مصدر رززقك، ولكن في حقيقة الأمر ماهي الا اسباب ليصلك الرزق من خلالها قد يصلك بدونها. ما لم تكن وظيفتك تنصب في غايتك التي تخدم هدفا أكبر من الوظيفة عادة، فسيكون هناك رغبة داخلية لديك في التغيير لوظيفة أفضل وإن كان الراتب مجدي. ومع تقدمك في السن والخبرات والعلم تجد نفسك ترفض بعض الفرص لكونها لا تنسجم مع الغاية التي ستعمر بها الأرض وتضيف قيمة للمجتمع. والعكس صحيح مهما سعيت ليكون لديك عملاء أو زيادة في الراتب بدون غاية فسيصلك فقط ما هو مقدر لك من الرزق. الخلاصة توقف في التفكير في الرزق وفكر في الغاية وسيتكفل الله لك بالرزق.

وهنا فقط يحدث عندم الاطمئنان، وبخاصة اذا كنت صاحب تجارة أو عمل حر فإن ما تقوم به نابع من شغف أو غاية ولكن ينتابك قلق على الرزق إن كان كافيا أو مجديا. وهذا القلق هو وما يسبب الخلل في المعادلة بينك وبين الغاية والعمل والرزق. فانتبه لكيف تتناول نواياك اليومية وتتخاطب مع رب العالمين المقدر للارزاق وكيف تتعامل مع عملائك المستفيدين من خدماتك.

كل ذلك بدأ من الفضول الذي تم استيحاءه من اسم الماعز الفضول وبذا تكون انتهت قصة اليوم ولنا في وقت آخر وقفة مع قصة أخرى.

Shopping cart

0
image/svg+xml

No products in the cart.

Continue Shopping